pregnancy

شرح الدره المضيه


السلام عليكم ، اليوم نتكلم ونشرح متن الدره ونبدأ بالمقدمه وباب البسمله وأم القرءان ، تابعوا معنا

الدرة المضية في القراءات الثلاث
المؤلف / للإمام العلامة محمد بن محمد بن الجزري
بسم الله الرحمن الرحيم
     وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
   الحمد لله الذي تولى حفظ كتابه المكنون فقال تعالى : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) وقال في القرآن المجيد : ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) فتلقاه العدول عن العدول واتصلت الروايات بالرسول محمد النبي الأمي – صلى الله عليه وسلم – وعلى آله وصحبه الكرام ومجد وكرم .

   ثم لا زالت الأمة تنقله على اختلاف لغاتها حتى انتشرت رواتها ورواياتها , فلما تقادم العهد النبوي والزمان المصطفوي قصرت الهمم , وتقاعدت عن تحصيل هذا الفن وتباعدت فتبادرت الأئمة بعد ذلك إلى العشرة الأحرف , وما هي إلا نزر يسير من قوله صلى الله عليه وسلم : " أنزل القرآن على سبعة أحرف "
   
   ومعنى الحديث في اختلاف الألفاظ على الصواب لقصة هشام بن حكيم وعمر بن الخطاب , ولا يسع من علمها من الأمة إهمالها إذ ذاك تبليغا تاما لأعظم معجزات رسولها , قال الإمام أبو العباس بن تيمية : ( لا نعلم أحدا من المسلمين منع القراءة بالثلاث الزائدة على السبعة , ولكن من لم يكن عالما بها أو لم تثبت عنده كمن يكون في بلد بالمغرب أو غيره , ليس له أن يقرأ بما لم يعلمه ولا أن ينكر على من علم بما لم يعلمه ) انتهى .
    قال أبو القاسم الهذلي : ( سأل مالك نافعا – رضي الله عنه – عن البسملة فقال : السنة الجهر بها فسلم إليه وقال : كل علم يسأل عنه أهله ) انتهى .
   ولا شك أن من تكلم في علم وكان إماما فيه وكان ذلك العلم يتعلق به علم آخر وهو غير متقن له داخله الوهم والغلط فقال الإمام عبد الوهاب السبكي قراءة العشرة متواترة معلومة من الدين بالضرورة , وليس تواتر شيء منها مقصورا على من قرأ بالروايات بل هي متواترة عند كل مسلم يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله , ولو كان مع ذلك عاميا لا يحفظ حرفا من القرآن . انتهى .
   قلت : ومن أراد تمام الكلام في هذا فعليه بكتاب " منجد المقرئين " لشيخنا محمد بن محمد بن محمد الجزري فقد ذكر بعض من قرأ بالعشرة في ستة عشر طبقة إلى عصره .
   وقد استخرت الله تعالى , وأردت إيضاح منظومة " الدرة المضية في قراءة الثلاثة " وقد قرأتها عليه في مجالس بعد عصر يوم السبت الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثمان وعشرين وثمانمائة بمسجد الأشاعر داخل مدينة زبيد وسمعها بقراءتي جماعة كثيرون وقرأت أيضا بمضمنها عليه في العام المذكور جعل الله ذلك خالصا لوجهه الكريم بمنه وكرمه ومجده آمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
  قال رحمه الله :    
بسم الله الرحمن الرحيم
( قل الحمد لله الذي وحده علا ... ومجده واسأل عونه وتوسلا )
( وصل على خير الأنام محمد ... وسلم وآل والصحاب ومن تلا )
( وبعد فخذ نظمي حروف ثلاثة ... تتم بها العشر القراءات وانقلا )
( كما هو في تحبير تيسير سبعها ... فأسال ربي أن يمن فتكملا )
   حمد لله تعالى لقوله صلى الله عليه وسلم : " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم " وأردف الحمد بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لأن الله تعالى قرن اسمه باسمه نحو ( ومن يطع الله ورسوله ) ولقوله تعالى ( صلوا عليه وسلما تسليما ) ثم حث الطالب الذي قد قرأ للسبعة على قراءة الثلاثة ليحيط بقراءة العشرة .
وقوله ( وانقلا ) أي لا بد لك من منقول في الثلاثة فيحصل لك سلطنة الاستحضار , والدرة منظومة تحبير التيسير للشيخ أيضا , وهو تأليف حسن أدخله في متن التيسير ولم يترك من التيسير لفظة سمعناه كله على الشيخ في بلدنا زبيد سنة ثمان وعشرين وثمانمائة .
 ( أبو جعفر عنه ابن وردان ناقل ... كذاك ابن جماز سليمان ذو العلا )
( ويعقوب قل عنه رويس وروحهم ... وإسحاق مع إدريس عن خلف تلا )
  أما أبو جعفر فهو يزيد بن القعقاع مولى أبي الحارث المخزومي , مسحت أم سلمة على رأسه صغيرا , وهو من أجل شيوخ نافع , قدمه عبد الله بن عمر في الكعبة فصلى بالناس , توفي بالمدينة سنة ثمان وعشرين ومائة , روى عنه عيسى بن وردان أبو الحارث الحذّ المدني القارئ ولم أعثر على تاريخ وفاته نقل بعض الشارحين أنه مات سنة ستين ومائة , وروى عنه ابن جماز وهو سليمان بن مسلم بن جماز أبو الربيع الزهري مولاهم المدني قديم الوفاة .
   قول المتن : ( ويعقوب ) الخ , الثاني : هو يعقوب بن إسحاق البصري الحضرمي مولاهم من بيت العلم والقراءة كان قديما بالقراءة نحويا متحريا , توفي في ذي الحجة سنة خمس ومائتين , وروى عنه محمد بن المتوكل اللؤلؤي شهر برويس , وروى عنه أيضا أبو الحسن روح بن عبد المؤمن .
   الثالث : خلف بن هشام البزار البغدادي مولى لبني كاهل , روى عنه إسحاق بن إبراهيم المروزي الوراق وإدريس بن عبد الكريم الحداد .
 ( لثان أبو عمرو والاول نافع ... وثالثهم مع أصله قد تأصلا )
( ورمزهم ثم الرواة كأصلهم ... فإن خالفوا أذكر وإلا فأهملا )
( وإن كلمة أطلقت فالشهرة اعتمد ... كذلك تعريفا وتنكيرا أسجلا )
   أي قراءة يعقوب كقراءة أبي عمرو فإن يعقوب قرأ على أبي المنذر وقرأ أبو المنذر على أبي عمرو , وقراءة أبي جعفر كقراءة نافع لأن نافعا قرأ على أبي جعفر , وقرأ خلف على سليم وقرأ سليم على حمزة , وخالفوهم في مواضع , فإذا خالف أحدهم ذكره في هذه المنظومة , وما وافقوهم فيه أهمله , وأما إذا وافق ابن وردان مثلا قالون وابن جماز ورشا فإنه أيضا يذكره , فعلمت أن الضمير في قوله ( خالفوا ) للمشايخ فقط لا لرواتهم , ورمز لكل شيخ وراوييه برمز أصله وراوييه . وقد اصطلح فيها اصطلاحات الإمام الشاطبي , وربما يطلق الكلمة أو يعبر بعبارة غامضة كما ستراه مشروحا . وقد اعتذر عن ذلك بقوله ( فالشهرة اعتمد ) وإذا ذكر التنكير استغنى به عن ذكر التعريف , وإذا ذكر التعريف استغنى به عن ذكر التنكير .
  فائدة : خلف في اختياره لم يخرج عن القراءات السبعة بل ولا خالف حمزة والكسائي وشعبة إلا في ( وحرام على قرية ) و( دري ) وكذلك ورد عنه السكت بين السورتين , ولم يرو عن راوييه في هذه المنظومة اختلاف في البسملة .
  قال الشيخ رحمه الله تعالى :
باب البسملة وأم القرآن
 ( وبسمل بين السورتين ( أ ) ئمة ... ومالك ( ح ) ز ( ف ) ز والصراط ( ف ) أسجلا )
  أهمل الشيخ ذكر الاستعاذة جريا على ما شرطه من أنه إذا وافق كل أصله في مسألة أهملها , وأما قوله في الحرز ( وإخفاؤه فصل أباه وعاتنا ) فأمر لا التفات إليه ولم يرد عن أحد من الثلاثة , قال الجعبري في شرح " نهج الدماثة " : وقد يزاد لأبي جعفر وخلف إن الله هو السميع العليم . انتهى .
   والمشهور عند القراء قديماً وحديثاً ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) إن جهر فجهراً وإن أسر فسرا ًفلا يزاد عليه ولا ينقص .
  وأشار الشيخ بقوله " أئمة " إلى أبي جعفر أي قرأ بالبسملة كقالون . وإنما قال ذلك لأنه سكت عنه لم يعلم أهو موافق قالون أو ورشاً وهكذا يفعل عند اختلاف الراويين في جميع القصيدة , وأما إذا كان الاختلاف بين خلاد وخلف ووافق خلف في اختياره روايته عن حمزة فلا يتعرض لذلك كما ستراه عند باب الجزم , وهذه قاعدة حسنة فلتفهم والله اعلم .
 وقرأ خلف ويعقوب ( مالك ) بالألف وفهم ذلك من لفظه .
 وقرأ خلف ( الصراط ) حيث وقع منكراً ومعرفاً بالصاد , وأشار إليه بقوله " فاسجلا " أي أطلق ذلك في جميع القرآن , وقد علمت قاعدته في قوله " وكذلك تعريفاً وتنكيراً اسجلا " .
 ( وبالسين ( ط ) ب واكسر عليهم إليهم ... لديهم ( ف ) تى والضم في الهاء ( ح ) للا )
( عن الياء إن تسكن سوى الفرد واضمم إن ... تزل ( ط ) اب إلا من يولهم فلا )
  أي وقرأ رويس في ( صراط والصراط ) حيث وقع بالسين .
  وقرأ خلف بكسر الهاء من ( عليهم وإليهم ولديهم ) .
 وقرأ يعقوب بضم الهاء بعد الياء الساكنة مطلقاً إلا في المفرد وذلك نحو ( عليهم وصياصيهم وفيهم ومثليهم وعليهما وفيهما وفيهن وأيديهن ) ومثال المفرد ( عليه وفيه ) واحترز بسكون الياء عن قوله تعالى : ( فاقطعوا أيديهما ) .
  وضم الهاء رويس عن زالت الياء بالجزم أو البناء نحو ( وقهم السيئات ) و ( وإذا لم تأتهم بآية ) وذلك اثنا عشر موضعاً إلا ( من يولهم ) فكسر الهاء فيه , ووجه ضم هذه الهاء أنه الأصل في هاء الضمير و واستثنى ( من يولهم ) لاتباع الرواية وجمعاً بين اللغتين .
( وصل ضم ميم الجمع ( أ ) صل وقبل ساكن ... اتبعا ( ح ) ز غيره أصله تلا )
  أي قرأ أبو جعفر بضم الميم كابن كثير .
 وقرأ يعقوب بكسر الميم إذا كان بعدها ساكن وقبلها كسرة نحو ( بهم الأسباب ) ( من دونهم امرأتين ) كأبي عمرو , وقرأ بضمها إذا كان بعدها ساكن وقبلها ضمة نحو ( عليهم القتال ) ( يريهم الله أعمالهم ) وقد علمت أنه يضم الهاء بعد الياء الساكنة مطلقاً في مثل هذا النوع وإلى ذلك أشار بقوله " وقبل ساكن اتبعا حز " أي إن كان قبل الميم ضمة فضمها وإن كان قبلها كسرة فاكسرها .
  واعلم أنه قد يأتي بلفظ عام تكون فيه مصلحة اختصار ونحو ذلك . وإن وافق القارئ المذكور أصله بوجه من الوجوه أو في حرف من الحروف كما رايته هنا في قراءة يعقوب وموافقته لأبي عمرو في النوع الأول .
  والمراد بقوله : " غيره أصله تلا " أي قرأ أبو جعفر بكسر الهاء وضم الميم قبل الساكن كنافع وقرأ خلف كأصله بضم الهاء والميم نحو ( عليهم القتال ) و ( بهم الأسباب ) ولا حاجة له إلى ذكر هذا وإنما هو زيادة بيان وختم به البيت . 

شكرا لتعليقك